إعلان حرية الإعلام في العالم العربي

نؤكد على أن حرية التعبير، التي تشمل حرية الإعلام، هي حق أساسي من حقوق الإنسان مصان في مواثيق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، و"إعلان صنعاء" بشأن تعزيز استقلالية الإعلام العربي وتعدديته، وفي غالبية الدساتير الوطنية حول العالم.

الدول الموقعة على الإعلان بحسب التسلسل الزمني

فلسطين، تونس، الأردن، السودان، المغرب، موريتانيا  

المقدمة

في الثالث من أيار/مايو 2016 ، وفي حدث رائد وقع في الدار البيضاء في المغرب، تم اعتماد الإعلان الخاص بحرية الإعلام في العالم العربي )الإعلان، أو الإعلان ا لعربي(؛ حضره أكثر من 100 مندوب، يمثلّون نقابات الصحفيين، وناشطي حقوق الإنسان، ووسائط الإعلام من جميع أنحاء العالم العربي.

يعتبر هذا الإعلان تاريخيًّا لعدد من الأسباب. أو ا لً، أنّه يشكّل أول بيان شامل لحقوق حريّة الإعلام في العالم العربي. ثانياا، تعكس القيم التي يتبنّاها هذا الإعلان معايير دوليّة قويّة لحرية الإعلام وحماية حقوق الصحفيّين. ثالثاا، وربما الأهم، أنّه ومنذ اعتماده، بدأت عملية الحصول على اعتراف رسمي من الدول العربية بهذا الإعلان، مما أسفر عن قيام عدد متزايد من هذه الدول بالمصادقة عليه.

إنّ هذا الإعلان، الذي يتضمّن ديباجة و 16 مبدأا تتناول قضايا موضوعيّة مختلفة تتعلّق بحريّة الإعلام وحماية حقوق الصحفيّين، يتحدّث عن نفسه. وفي ذات الوقت، وبحكم طبيعة مثل هذه الإعلانات، فإنّها موجزة، وتركّز على وضع معايير ومبادئ أساسيّة. تشرح هذه "المذكّرة التوضيحيّة"، بالتفصيل، المبادئ الواردة في الإعلان، وتقدّم مدخلات حول المعايير الدوليّة والإقليميّة الأساسيّة المستوحى هذا الإعلان منها. وبصفتها هذه، تسعى هذه المذكّرة إلى مساعدة أصحاب المصلحة المعنيّين على فهم نص الإعلان وتفسيره، وتزويد القرّاء بالأساس القانوني للنّص، وتجنّب أي احتمال لإساءة فهم الإعلان بطريقة قد تقوّض حريّة الإعلان أو تحدّ منها.

تاريخ وضع الإعلان

يمكن إرجاع بداية عمليّة تطوير مبادرة الآلية الإقلمية الخاصة بحرية الًعلام وفي إطارها وثيقة "الإعلان العربي" إلى الًجتماع التشاوري الذي شارك فيه ممثلين عن الًتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب مع المقرر الدولي لحرية التعبير على هامش فعالية اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي عقد في باريس سنة 2014 . ثم جاءت نقطة الًنطلاق الحقيقية خلال الًجتماع الإقليميّ للاتّحاد الدوليّ للصحفيّين في العالم العربيّ والشّرق الأوسط والذي شارك فيه ايضا اتحاد الصحفيين العرب، والذي عقد في الدّار البيضاء بتاريخ 28 - 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، تحت عنوان "ما بعد الرّبيع العربيّ: خريطة طريق جديدة للصّحفيّين". وعلى الرّغم من عدم صياغة الإعلان نفسه في تلك المرحلة، إلًّ أنّ الًجتماع أتاح فرصة أوّليّة لمناقشة إمكانيّة إنشاء آل يّة خاصّة بشأن حرية الإعلام في العالم العربيّ، وبطبيعة الحال، بروز الفكرة المرتبطة بالإعلان حول الخاص بحريّة الصحافة في العالم العربيّ.

تمّ إعداد مسودة أولى من الإعلان تحت رعاية الًتّحاد الدّوليّ للصّحفيّين في تموز/يوليو 2015 ، وكانت، في ما بعد، موضو ا عاللمشاورات مع نخبة مختارة من الخبراء عبر الًنترنت.

بتفويض من المقرّر الخاص لحريّة الإعلام في العالم العربيّ، ومسودة الإعلان العربي لمبادئ حريّة الإعلام، تمّ عقد اجتماع استشاريّ إقليميّ في عمان في الفترة 9 - 10 أيلول/سبتمبر 2015 . ضمّ الًجتماع خبراء من مختلف هيئات حقوق الإنسان، بما في ذلك اللّجان الوطنيّة لحقوق الإنسان، واللّجنة العربيّة لحقوق الإنسان، والشّبكة العربيّة للمؤسّسات الوطنيّة لحقوق الإنسان، واليونسكو فض ا لا عن عدد من كبار الخبراء والصحفيّين من جميع أنحاء المنطقة. وفي أعقاب ذلك، أجريت سلسلة من – المشاورات الوطنيّة في عدد من بلدان المنطقة منها تونس، وفلسطين، ولبنان والمغرب.

ثم اطلق الًتحاد الدولي للصحفيين مشاورات مفتوحة عبر الإنترنت خلال شهري شباط/فبراير وآذار/مارس 2016 دعى فيها طيف واسع من المؤسسات ومنظمات المجتمع الوطني والخبراء المختصين لتقديم تعليقاتهم على النصوص المقترحة. وأخيرا، عقدت مشاورات إقليميّة شاملة في الدار البيضاء في أيار/مايو 2016 بغية الحصول على تغذية راجعة بشأن مسودة الإعلان. وكان المؤتمر تتويجا لعملية مشاورات استمرت لمدة عشرين شهرا شارك فيها خبراء دوليون واقليميون والفاعلين في قطاع الإعلام، ومؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني.

وعقب هذه التغذية الراجعة، تمّ الًنتهاء من إعداد الوثيقة , وتبنيها من قبل المشاركين. كما طالب المؤتمر جميع الحكومات والمنظمات الإقليمية في المنطقة بالتوقيع على الإعلان والًلتزام بوضع آليات عملية لتأسيس آلية اقليمية مستقلة لدعم الإعلام وتمكينها .

اعتبارا من شهر نيسان /أبريل 2018 ، تم التوقيع على الإعلان من قبل رؤساء دول ومؤسسات ومجتمعات إعلامية في ستة بلدان عبر المنطقة: فلسطين وتونس والأردن والسودان والمغرب وموريتانيا. ويجري حاليا الحصول على دعم أوسع للإعلان في من مختلف دول المنطقة. 

فهم المخطّط العام للإعلان

تمّ تنظيم الإعلان في ديباجة وثلاثة أجزاء، هي: الجزء الأول: مبادئ عامّة؛ والجزء الثّاني: القيود المفروضة على المحتوى؛ والجزء الثّالث: تنظيم وسائل الإعلام. هدفت الديباجة إلى إعداد المشهد لبقيّة الإعلان. وهي تركّز على ضمان حريّة التّعبير، بما في ذلك حريّة الإعلام في الصكوك الدوليّة الإقليميّة، فضلّا عن الدّساتير الوطنيّة، وأهمّيّة احترام هذا الحقّ، سواء لقيمته المباشرة، أوكدعامة للدّيمقراطيّة واحترام الحقوق الأخرى. كما وتعترف الديباجة بالأدوار الهامّة لوسائط الإعلام القديمة والحديثة في إنفاذ هذا الحقّ. وتشير، أي ا ضا، إلى آليات مختلفة في العالم العربيّ لتعزيز احترام حقوق الإنسان، وترحّب بالإصلاحات الأخيرة المتعلّقة بحريّة الإعلام والصّحافة المستقلّة، بينما تشير إلى أنّه لً يزال هناك الكثير ممّا ينبغي عمله لجعل القوانين والممارسات في المنطقة تتماشى مع المعايير الدّوليّة.

يقدّم الجزء الموضوعيّ من الإعلان عر ا ضا عامًّا للمعايير العامّة المتعلّقة بالحق في حريّة التّعبير. ويشير إلى الطبيعة المحدودة للاستثناءات والًلتزامات الإيجابيّة للدّول من أجل تهيئة بيئة إيجابيّة لهذا الحق، فض ا لا عن إدراج الحق في الحصول على المعلومات أو الوصول إلى المعلومات التي بحوزة السّلطات العامة(. كما ويركز، أي ا ضا، على أهمّيّة حماية ومعالجة حصانة الذين يتعرّضون للهجوم جرّاء ممارستهم حقّهم في حرية التّعبير، ودور مختلف الأطراف الفاعلة في هذا الصّدد.

يركّز الجزء الموضوعيّ الثّاني من الإعلان على المسألة الهامّة المتعلّقة بضمان أن تكون القيود المفروضة على محتوى ما يمكن نشره محدودة بطبيعتها. وهذا، بدوره، ينقسم إلى أربعة مجالًت رئيسة هي القيود الجنائيّة، وحماية السمعة )قانون التّشهير(، -والخصوصيّة، وخطاب الكراهية بحيث يضع كلٌّ منها معايير واضحة للحدّ من نطاق القيود المفروضة على المجال ذي العلاقة. 

يلخّص الجزء الرّابع والأخير من الإعلان معايير تنظيم وسائل الًتّصال. ويشدّد المبدأ الأول هنا على الحاجة في أن تكون الهيئات التّنظيميّة مستقلّة عن الحكومة، فض ا لا عن الًلتزامات الإيجابية للدّول في هذا المجال. وتركّز المبادئ الخمسة التّالية على خمسة انواع مختلفة من الجهات الفاعلة في مجال الًتصالًت أي الصحفيّين، ووسائل الإعلام العامّة، ووسائل الإعلام المطبوعة، والمذيعين، وشكبة الإنترنت ، محدّدة المعايير التّنظيميّة المصمّمة خصّي ا صا لكل قطاع. وأخيرا، يتناول الجزءا الثّالث المسائل المتعلّقة بالشكاوى ضد انعدام الحرفيّة في وسائل الإعلام، والحاجة إلى المساواة ولً سيّما بين النّساء والرجال، وكذلك في ما – يتعلّق بالأقلّيات والفئات المهمّشة من حيث إمكانيّة الوصول إلى الوظائف الإعلاميّة، وظروف العمل، وبيئات العمل الآمنة. – التّعليق على الدّيباجة ومبادئ الإعلان.