نقابات صحفيين من مختلف أنحاء العالم تساند مقترح الاتحاد الدولي للصحفيين بتبني معاهدة دولية لحماية الصحفيين

ساندت القيادات الصحفية النقابية من مختلف أنحاء العالم المبادرة التي اطلقها الاتحاد الدولي للصحفيين من أجل تبني معاهدة جديدة في إطار الأمم المتحدة تهدف لزيادة الحماية للصحفيين والصحافة أمام تصاعد العنف والتهديدات التي يواجهونها.

 

وتأتي الدعوة المطالبة بمعاهدة جديدة في سياق التصاعد المتواصل الذي تظهر الإحصائيات لأعداد الصحفيين الذين يتعرضون لهجمات عنيفة، وتهديد، وسجن، وتحرش، ويخشون من ممارسة عملهم بحريّة. كما تظهر الإحصائيات أن ما يزيد على 90% من الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين تمر دون عقاب.  

 

وقد صادقت القيادات الصحفية التي تمثل 600,000 صحفي حول العالم "الإتفاقية الدولية الخاصة بسلامة الصحفيين والعاملين الإعلاميين وإستقلاليتهم" التي طرحها الاتحاد الدولي للصحفيين في اجتماعه الذي عقد في تونس.

 

وتهدف الإتفاقية الجديدة لكي يتم، للمرة الأولى، تبني معاييرا جديدة ملزمة تحمي الصحفيين والعاملين الإعلاميين.

 

وبينما يتمتّع الصحفيون حسب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان بنفس حقوق المدنيين الآخرين، لا تحتوي هذه القوانين نصوصا تعترف بأنّ الصحفيين يواجهون مخاطراً أكبر مقارنةً بالمدنيين الآخرين.  

 

وبالنسبة للمعتدين، هناك مصلحة استراتيجيّة وراء استهدافهم للاعلام، فاللذين يريدون منع نشر المعلومات وتوزيعها خشية من الرقابة الدولية يقوم باستهداف الصحفيين بشكل مقصود.

كما أن عمل الصحفيين في قلب مناطق النزاع أو قربها يسبب هشاشة من ناحية سلامتهم وأمنهم. وبعكس المدنيين العاديين، فإن الصحفيين لا يتجنبون مناطق الصراع.

 

وبينما يتمتع كل أنسان بحماية حقه  في الحياة، والحرية الشخصية، والأمان، وحرية التعبير عن الرأي، والتعويض الحقيقي في حالة المس  بحقوقهم، تعجز آليات حقوق الانسان الموجودة حاليا عن إظهار التأثير المنهجي للاعتداءات على الصحفيين على المجتمعات بشكل عام.

 

وبعكس أغلب الانتهاكات الأخرى، فإن الاعتداءات على حياة الصحفيين أو على سلامتهم الجسدية لها تأثير على حق المواطنين في الحصول على المعلومات، وتساهم في انحدار قوة الديمقراطية، ولها تأثير مخيف على حرية جميع الناس في التعبيرعن آرائهم.

 

ورغم كل ذلك، فإنّه لا توجد آلية مستقلة تمكن المواطنين أو الإعلاميين من الاستناد إليها في حالة تم انتهاك حقوق الصحفيين وليتمكنو من تقديم شكوى ضمن الآليات والإجراءات الدولية.

 

كما تعجز منظومة حقوق الانسان الحالية عن الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المقترِنة بمهنة الصحافة. وبينما يحظى جميع الناس بحماية لممارسة حقهم بحرية التعبير، تعتبر هذه الحرية قضية استثنائية عندما يتم يمارسها الإعلاميون، لأن دورهم يعتمد على نشر المعلومات والأفكار بشكل منتظم وبتأثير أوسع بكثير على جماهير كبيرة، وهم بذلك يشكّلون حافزاً أكبر لاستهدافهم من قبل أولئك الذين يوّدون حجب الآراء المعادية لهم. وهذا البعد الجماهيري لحرية التعبير للصحفيين غير معترف به بشكل واضح.

 

وبما أن استهداف الصحفيين يحدث بسبب مهنتهم، فإن وجود معاهدة دولية خاصة ستعزز من حمايتهم وتفضح الانتهاكات بحقهم باعتبارها ممارسة شائنة، وبهذا تزيد من الضغوطات على الدول لوقف الانتهاكات ومعاقبة مرتكبيها، حيث أن هذا هو جوهر الالتزام بالقانون الدولي.  


وموقف الإتحاد الدولي للصحفيين واضح بأن وجود آداة دولية خاصة بسلامة الصحفيين، بما في ذلك آلية حماية ملزمة، ستزيد من الرد الدولي الفعال تجاه الانتهاكات.    

 

وتأتي هذه المبادرة في سياق التطورات المعاصرة والتي تعترف بأن الإعلاميين يواجهون وضعا مختلفا يستدعي حلولاً خاصة بهم والقطاع الذي يعملون فيه.


وبحسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222، فإنّ عمل الإعلاميين "كثيراً ما يعرّضهم بشكل خاص لخطر التخويف والمضايقة والعنف في حالات النزاع المسلح". وتقرُّ توجيهات "مجلس أوروبا" لحماية الصحافة بتزايد الإعتداءات على الصحفيين "بسبب أعمالهم التحقيقية، وآرائهم، والتقارير التي ينتجونها".

 

وتطرح المعاهدة الجديدة تقنيناً مفيداً لجميع القوانين المطبّقة في اتفاقية واحدة، وذلك بتوحيد نصوص من القانون الدولي والقانون الدولي الإنسان. ويتضمن ذلك: واجب حماية الصحفيين من الإعتداءات على حياتهم، والاعتقال التعسفي، وحملات تشجيع العنف والترهيب، والإلتزام بحمايتهم من الإخفاء القسري، والإختطاف (من قِبل أجهزة الدولة أو كيانات خاصة)، والإلتزام بالقيام بتحقيقات فعّالة بشأن التدخلات بعملهم وتقديم الجناة للعدالة. وفي سياق مناطق النزاع، الإلتزام بمعاملة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية ومنشآتها كمدنيين (أي كأهداف غير شرعيّة)، والحذر في تنفيذ العمليات العسكرية.

 

وقال انطوني بلانجي، أمين عام الإتحاد الدولي للصحفيين: "إنّ تبني معاهدة دولية مكرّساً لحماية الصحفيين يعتبر موقفا مهما. لأنها ستعترف بمكانتهم الخاصة نتيجة المخاطر التي يتعرّضون إليها بشكل متكرر، وكذلك اعتراف بأهمية العمل الصحفي للمجتمع. كما ستكثف عملية الرقابة الدولية على الإنتهاكات ضد الصحفيين، وفي نفس الوقت، ستساعد السلطات الوطنية على الإلمام بالتزامتها الدولية الموجودة حاليا ولكنها مشتتة في بنود معاهدات وأحكام قضائية مختلفة.  


وستؤدي هذه المبادرة بالغة الأهمية إلى اعتراف المجتمع الدولي بأولوية سلامة الصحفيين وحق الجميع بالحصول على المعلومات.

 

وابتداءً من هذا اليوم، فإن الإتحاد الدولي للصحفيين والنقابات أعضائه – ونيابة عن جميع الضحايا الذين سقطوا على يد من يحاولون إسكات صوت رسل الحقيقة-  يعلنون إلتزامهم بهذه القضية، وإننا نتطلّع لمساندتكم في هذا النضال المهم." 

 

وقال فيليب لوروث، رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين: "لقد قتل 58 صحفياً وعاملا إعلاميا هذه السنة. سيتم تحميل الحكومات المسؤولية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبالتالي، فهي مجبرة على الإلتزام بواجباتها، وهذا ممكن بواسطة تطوير آليّات فعّالة تستطيع جلب المعتدين على الصحفيين أمام العدالة. وتعتبر هذه الإتفاقية خطوة هامّة لتحقيق هذا الهدف".

 

 الصورة: اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصحفيين توافق على اتفاقية الأمم المتحدة في تونس

 

دعوة للمساهمات: يشجع الاتحاد الدولي للصحفيين المنظمات والمهنيين الأفراد على تقديم تعليقاتهم ومقترحاتهم على نص الاتفاقية. يرجى إرسال أفكاركم وملاحظاتكم إلى الاتحاد الدولي للصحفيين في موعد اقصاه 20 كانون أول/ديسمبر ، مع ذكر الاسم والمهنة على العنوان التالي: ifj@ifj.org