اليمن: الاتحاد الدولي للصحفيين يرحب بتقرير للأمم المتحدة وسط دعوات للتحرك لتعزيز سلامة الصحفيين

طالب الاتحاد الدولي للصحفيين الحكومة اليمنية لأن "تتحمل مسؤولياتها" إثر إدانة المفوضية السامية لحقوق الانسان الخسائر الكبيرة في الوسط الصحفي من قتل وخطف والقمع الذي يتعرض له الصحفيون في اليمن.

 

وتأتي هذا المطالبة في سياق الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد في جنيف وشارك فيه الاتحاد الدولي للصحفيين، ونقابة الصحفيين اليمنيين، وحقوقيين، وكذلكك مشاركة وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني. ويأتي هذا الإجتماع قبل اللقاء الجلسة الرسمية لمجلس الحقوق الإنسان والتي ستعقد يوم الجمعة المقبل لمناقشة تقرير الأمم المتحدة حول احتداد أزمة حقوق الإنسان في اليمن.

 

ويشير التقرير الذي يتميز بشدة ألفاظه الذي أصدرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنه "منذ بداية النزاع، شنت كل من سلطة الأمر الواقع في صنعاء والحكومة اليمنية حملة قمع ضد الصحفيين والناشطين وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني، من خلال فرض قيود على حرية التعبير، والتخويف، والاعتقالات التعسفية خارج إطار القانون، والإخفاء القسري، والقتل."

 

" قامت سلطات الأمر الواقع في صنعاء منذ عام 2015، بإغلاق 21 موقعا إخباريا، وحجبت سبع قنوات تلفزيونية، وحظرت نشر 18 صحيفة ... وقامت القوات الموالية للحكومة بحجب سبع قنوات تلفزيونية كما داهمت مقار سبع مؤسسات. ونتيجة لهذا القمع، لم يتبق سوى سبل محدودة للتعبير عن الرأي مقابل ازدياد كبير في الرقابة الذاتية. مما دفع بعدد كبير من الناشطين البلاد خوفا من البطش.

ولقد تحمل الصحفيون والناشطون وطأة هذا القمع، وقامت الأطراف المختلفة باعتقال 74 شخصا بصورة تعسفية أو خارج إطار القانون. ولا يزال هناك 16 صحفيا محتجزاً منذ حزيران / يونيو 2017 من قبل سلطات الأمر الواقع في صنعاء. وتجدر الاشارة الى أن عملية الاعتقال الشهيرة للصحفيين، حيث اعتقلت  سلطات الأمر الواقع تسعة صحفيين في عملية واحدة  يوم 9 حزيران / يونيو 2015 في صنعاء. وقد حتجزوا لعدة أشهر دون السماح لهم بالتواصل مع العالم الخارجي، كما وتم حرمانهم من الزيارات العائلية في مراحل مختلفة من اعتقالهم، حيث يتم نقلهم الى اماكن اعتقال مختلفة. وتشعر المفوضية بالقلق لأن هؤلاء المحتجزين وغيرهم يواجهون خطرا جسيما لأن يتعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة ".

 

وقال جيم بوملحة، ممثل الاتحاد الدولي للصحفيين في الاجتماع: "منذ بداية هذا الصراع، تم اتهام الصحفيين من قبل جميع الأطراف المتصارعة بأنهم ينتمون إلى الأحزاب المنافسة ويخدمون مصالحها. ولذلك، فهم يواجهون يومياً تهديدات بالقتل والتعذيب. وتصلنا الأخبار بشكل متكرر عن استهداف وسائل الإعلام بشكل منتظم، وسقوط ضحايا صحفيين نتيجة القصف العشوائي للتحالف الذي تقوده السعودية اوهجمات القناصة والاختطاف من قبل الجماعات المسلحة. كما يجبر الصحفيون على العمل دون تدريب سلامة مهنية مناسب ومن دون معدات واقية أو تأمين ملائمين. وعندما سيطر المتمردون على المؤسسات الإعلامية، واجه الصحفيون معضلة رهيبة - إما أن يتركوا عملهم أو يتبعوا الخط التحريري للمتمردين، في جو عام اتسم بالخطر والتحشيد على الصحفيين المستقلين.

 

ولم تقتصر المعاناة على الصحفيون وحدهم، بل شاركتهم عائلاتهم هذا العنا - حیث أجبر مئات الصحفيين على ترك وظائفھم، مما أدى لتوقف مداخيل العيش لأسرھم. كما اضطر مئات آخرين إلى الفرار من البلاد بعد أن أجبروا على ترك منازلهم بحثا عن الأمان لهم ولأسرهم ".

 

كما أشاد جيم بوملحة بعمل نقابة الصحفيين اليمنيين ومواصلتها إعلاء صوتها للتنديد بالاعتداءات على الصحفيين ومطالبة المجتمع الدولي للصحفيين بالتضامن مع زملائهم في اليمن.

 

وقال: "يجري توصيف الحرب في اليمن بأنها الحرب التي نسيها الإعلام الدولي. إلا أن نقابة الصحفيين اليمنيين مكنت الزملاء الصحفيين في جميع أنحاء العالم من معرفة حقيقة ما يجري. ويأتي تقريرالمفوضية السامية هذا في الوقت الملائم ليؤكد تماما صحة جهود الرصد والمراقبة التي يبذلها زملاؤنا في النقابة كما يؤكد صحة البلاغات التي أصدرتها خلال هذا الصراع. إن البيانات الوادرة في التقرير صعبة جدا، وسوف نطالب بمحاسبة كل طرف عن الأفعال التي يقوم بها."

 

"يرحب الاتحاد الدولي للصحفيين اليوم بالتزام ممثلي الحكومة بمسؤولياتهم لتمكين الصحفيين من العمل بأمان، ودون خوف من القمع أو الرقابة، وهو أمر ضروري لمد العالم بالمزيد عن المأساة التي تحيق بالشعب اليمني.

 

والحكومة هي من الموقعين على مختلف العهود الدولية التي تجبر اليمن وأعضاء التحالف على اتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون، وهم ملزمون قانونيا باحترام حقوق الإنسان للمواطنين في المناطق التي تسيطر عليها وحمايتهم. ويؤكد المفوض السامي في تقريره دعوته للطرفين إلى التقيد بمبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ".

 

وكان الإتحاد الدولي للصحفيين قد أدان بشكل متكرر استهداف الحوثيين للصحفيين والمؤسسات الإعلامية. وذكر الإتحاد الدولي بتصريحات قائد الجماعة عبد الملك الحوثي التي وصف فيها الصحفيين بأنهم "خونة" وتشجيعه للمسلحين التابعين له لاستهداف الخونة، وكذلك لاعتداءاتهم المتكررة على الصحفيين، والإخفاء القسري، ودفعهم لعدد كبير منهم لمغادرة البلد.

 

ويذكر أن الاتحاد الدولي للصحفيين كان قد ساعد نقابة الصحفيين اليمنيين في وضع خطة عمل للسلامة الإعلامية في اليمن. والتي تدعو الأطراف المتحاربة إلى التنديد بالهجمات الموجهة ضد الصحفيين، وكفالة التحقيق الكامل في جميع حوادث العنف ضدهم، وكذلك إخضاع الأفراد العسكريين والأمنيين لتدريب شامل حول حقوق الصحفيين في مناطق الصراع، وواجباتهم في حماية الصحفيين وتيسير عملهم، والإفراج عن جميع الصحفيين المحتجزين دون أن يصابوا بأذى. كما تطالب خطة العمل ادارات المؤسسات الاعلامية وملاكها بتحمل مسؤولياتهم في ضمان سلامة الصحفيين والعاملين الإعلامين في مؤسساتهم.

 

وقال جيم بوملحة: "من المهم أن تتعاون السلطات والمؤسسات الإعلامية مع نقابة الصحفيين لبناء الجسور، ولضمان حقوق وسلامة الصحفيين، وأن تدعم توفير برنامج شامل لسلامة الصحفيين في جميع أنحاء البلاد. وعندها فقط سنتمكن من تشجيع وسائل الإعلام التي تسعى إلى إنها النزاع من خلال تقديم تقارير صادقة ونزيهة عن جميع الأطراف، وأن تلتزم بمعايير الصحافة النوعية.

 

إننا نأمل أن يشكل تقريرالمفوضية والنقاش الذي سيليه نقطة انطلاق جديدة من خلال تحمل الحكومة مسؤوليتها في ضمان سلامة الصحفيين وحمايتهم، والتزامها أنه بعد انتهاء الصراع، ببرنامج طويل المدى لبناء مؤسسات إعلامية عمومية مستقلة وديمقراطية في اليمن ".

 

وقال معمر الأرياني وزير الإعلام في الجمهورية اليمنية: "منذ بداية التعددية الحزبية وإعادة توحيد اليمن سنة 1990، لم يحصل أن تم استهداف الصحفيين بهذا الحجم كما هو الحال اليوم واستهدافهم من قبل الحوثيين. وإننا ندعو إلى إطلاق سراح الصحفيين المختطفين من سجون الحوثيين، ونحن مستعدون للتعاون مع أي منظمة دولية  من أجل وقف حمام الدم في اليمن".

 

وقال نبيل الأسيدي، ممثل نقابة الصحفيين اليمنيين في جنيف: " مثل العمل مع الاتحاد الدولي للصحفيين شريان الحياة للصحفيين اليمنيين. وإننا نتطلع لأن نستمر في العمل معا من أجل تعزيز برنامج السلامة  لأهميته في دعم الصحفيين الذين يتعرضون لاستهداف متواصل. "

 

وبحسب  مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي رصد الأوضاع في اليمن منذ اندلاع الحرب في مارس / آذار 2015، فقد قتل ما لا يقل عن 5000 مدني، من بينهم 1120 طفلا، وأصيب أكثر من 8500 آخرين في النزاع.  و عرض التقرير الاخير لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي صدرفي سبتمبر / أيلول، الانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان خلال الفترة ما بين 1 تموز/ يوليو2016 و30 حزيران / يونيو 2017  في اليمن.

 

وقال العبيد أحمد العبيد، ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن: " ان حقوق الإنسان في اليمن للأسف تشهد تدهورا مستمرا بسبب النزاع. وقد ازدادت الإصابات بين المدنيين، وتستمر انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات على المدراس والمشافي، وتجنيد الأطفال. هناك حملة تضيق مستمرة لحرية التعبير وحملة انتهاكات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ".

 

وقال زيد رعد الحسين،  المفوض السامي لحقوق الإنسان: "لقد دعوت مرارا المجتمع الدولي للتحرك لإجراء تحقيق دولي مستقل في مزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في اليمن. ان تحقيقا دوليا سيخطو خطوة كبيرة فى إخبار الاطراف المتصارعة بأنها مراقبة من المجتمع الدولى المصمم على محاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات."

 

صورة: نقابة الصحفيين اليمنيين